اخیراً مطلع شدم مقاله «المسافة الشرعية في السفر هل هي زمانية أم مكانية؟» در «مجلة‌ الاستنباط»‌ در نجف اشرف شماره 11، سال پنجم، سال 1442ق/ 2021 م، ص 97- 136 منتشر شده است. دیدگاه نگارنده زمانی بودن ملاک است. نتیجه این پژوهش در مسائل متعدد دیگر و دفع برخی شبهات نقش مهمی دارد.
گفتنی است این مقاله به فارسی کامل‌تر از عربی است و پیش‌تر در همین وبلاگ منتشر شده است. (7-11-1399)


المسافة الشرعية في السفر هل هي زمانية أم مكانية؟
q السيد محمدحسن الجواهري([*])

خلاصة البحث:‏
من المسائل الفقهية المهمّة تعيين اللحاظ في ضبط المسافة الشرعية هل هي زمانية أو مكانية. ‏وقد كُتبت في هذا الشأن مقالات عديدة وتناولها كثير من الفقهاء في دروسهم في مرحلة البحث ‏الخارج، لكن الخلاف ما زال قائماً ولم يكتمل الحوار العلمي في هذه المسألة أو لم يتّضح بعدُ بكلّ ‏أبعاده، والسبب الرئيس هو الغموض الموجود في الروايات وتعارضها وسعة التفسيرات المختلفة ‏لها، وبالطبع وجود بعض نقاط الضعف في تفسيرها. يركّز الباحث في هذا المقال على روايات ‏الباب، ويُحاول مناقشة بعض ما استُشهِد به على وجه الخصوص من زاوية جديدة وتجلية بعض ‏اللوازم السلبية لذلك، بعد المرور ببعض الاُصول الموضوعة من المباحث الأصولية ذات الصلة ‏وكذلك بعد دراسة أقوال العلماء. وفرضية الباحث هي أنّ الزمان هو المعيار للمَرْكبات سريعة ‏الحركة المعتادة في عصرنا، والتي لا محالة تقطع أكثر من ثمانية فراسخ في اليوم.‏

الكلمات المفتاحية: ‏
المسافة الشرعية، بياض يوم، مسيرة يوم، ثمانية فراسخ، السفر الشرعي

المقدّمة (في تشخيص المفاهيم والموضوع البحث)‏
مسألة المعيار الزمني أو المكاني للسفر الشرعي واسعة النطاق ولها تأثير كبير في أبواب فقهية ‏مختلفة کصلاة المسافر وصلاة الجمعة والصوم وما إلى ذلك، ولها مدخلية فيها. ومعنی أن يکون ‏المعيار زمنياً للسفر الشرعي: انّه قطع مسافة عند المسير يوماً واحداً، ومعنى أن يكون المعيار مكانياً: ‏هو قطع ثمانية فراسخ امتدادية (= أربعين كيلومتراًتقريباً) أو أربعة فراسخ ذهاباً وأربعة إياباً.‏

هذا، والى جانب المفهوم الشرعي للسفر يوجد المفهوم العُرفي للسفر، فإنّ السفر في العُرف له ‏أيضاً معنى محدّد، وعادة ما يًطلق الناس على الشخص عنوان المسافر فيما إذا سافر مسافة كبيرة، ‏وفي بعض الحالات التي تُعتبر سفراً شرعياً ربّما تختلف وجهة النظر العُرفي فلا يُعدّ الشخص ‏مسافراً. وممّا لا شكّ فيه أنّ الناس يُطلقون عنوان (المسافر) على مَن يقطع عشرين كيلومتراً مشياً ‏على الأقدام من الصباح إلى الليل، لكن هذا الشخص لا يُعتبر مسافراً من وجهة نظر الشارع. ومهما ‏يكن من أمر فإنّ موضوع هذه المقالة هو تعيين المعنى الشرعي لكلّ من عنوان (السفر) و ‏‏(المسافر)، وإنّما يُلحظ المعنى العُرفي حينما يتمّ إثبات أنّ الشارع قصد بالسفر المعنى العُرفي، وبناءً ‏على ذلك أنّ الخطوة الأولى في موضوع البحث هو كشف المعنى الدقيق للسفر الشرعي والمعيار ‏فيه.‏

ولتوضيح موضوع البحث أكثر نعرض الأمر بنحو آخر: موضوع حكم القصر هو أيٍّ من الموارد ‏التالية؟: فهل هو المسافر، أو المسافر الشرعي (من حيث مقدار السفر)، السفر بمقدار مسيرة يوم ‏واحد من سفر قوافل الجمال (أي ما يعادل ثمانية فراسخ)، السفر بقدار مشي ناقلات الركّاب العامة ‏‏(مثل الحافلات) في أيّ وقت ليوم واحد، ‌ أو غير ذلك؟

ملحوظة: الغموض في الموضوع في غير المورد المتيقّن ـ وهو ما تقطعه قافلة الإبل في يوم ‏واحد بمقدار ثمانية فرسخ ـ يُسبّب غموضاً في فعلية الحکم ويجعله ضمن الشبهات الحکمية.‏

قد يُقال: إنّ هذه المسألة هي شبهة موضوعية وأنّ الموارد غير اليقينية من موارد الشكّ في ‏الموضوع.‏

لكن هذا ليس صحيحاً؛ لأن شكّنا يتعلّق بحدود وقيود الموضوع المأخوذ في الأدلّة ‏والمستندات، وليس الشكّ في مقام تحقّق الموضوع، وبتعبير آخر: يُمكن أن يكون لكلّ موضوع ‏مقيّد حکم معيّن، وتجميع الأحکام بسبب وجود وجه مشترك في الموضوعات لا يدعو الى ‏الاطمئنان.‏

والآن، ومن أجل اصطياد حكم السفر بالمركَبات وكيفية قصر الصلاة، يجب أوّلاً أن نحصل ‏على المعيار الأساسي للسفر في الزمن القديم، وبناءً على هذا تتمّ دراسة حکم المسألة المذكورة.‏

القواعد الأصولية المرتبطة بالمسألة
في الخطوة الأولى، من الضروري الرجوع إلى الروايات وإذا كان هناك غموض فيها فإنّنا ‏سنتمسّک بالقواعد الأصولية؛ لذا ففي هذه المرحلة لن نتحدّث عن قواعد الأصول ذات الصلة التي ‏يتم الاستناد بها أحياناً في الموضوع، وسنكتفي بهذه النقطة ـ التي تم تجاهلها ـ وهي أنّ آيات ‏وجوب الصلاة كانت قد نزلت فی سورة النساء قبل حكم قصر الصلاة بسنوات، وسيرة المسلمين ‏في ذلك الوقت ـ طبقاً للآيات وبيانات الرسول الأكرم| قائمة على إتمام الصلاة، ولم يكونوا ‏يعرفون مسألة بعنوان القصر سابقاً إطلاقاً، وإن لم يُمکن إثبات أنّ الشخص مسافر شرعاً فيُمکن أن ‏يُتمسّک له باستصحاب حکم الصلاة طبقاً للأمر السابق الذي کان مطلقاً بالنسبة إلی الحضر والسفر. ‏أي: إذا لم يثبت أنّ الشخص مسافر شرعاً فإنّه مشمول للحكم السابق، وهو: حكم الصلاة في ‏الحضر.‏

ولكن المشكلة في هذه الرؤية أنّ الأمر يرجع إلى مسألة الاستصحاب فی الشبهات المفهومية، ‏وهي محلّ اختلاف.‏

ويجب أيضاً التنبيه إلى أنّ حكم وجوب القصر في السفر إذا لم يُبيّن معيار السفر الشرعي لأيّ ‏سبب كان أو کان مجملاً فيُرفع الحكم بأصل البراءة في الشبهة الحکمية في غير المتيقّن باتفاق ‏الفقهاء في صورة عدم قبول أصل الاستصحاب المذکور، وتكون الوظيفة الصلاة تماماً وفقاً ‏للنصوص، وبتبع الصلاة يجب الصوم عليه إلا إذا عرض مانع آخر غير السفر يرفع الوجوب. طبعاً ‏كما قيل هذا في حالة عدم اكتشاف حكم المسألة من الروايات.‏

الشهرة الفتوائية
فيما يتعلّق بالشهرة الفتوائية عند المتأخّرين ـ بغضّ النظر عن عدم اعتبارها ـ يجب أن ننتبه إلى ‏أنّه قبل ما يقرب من مئة عام لم يكن هناك فرق كبير بين المعيار الزمني والمكاني في السفر، وبما ‏أنّ الطرق كانت تُقاس مكانياً وكان الناس أكثر أنساً بمعيار الثمانية فراسخ، أکّد الفقهاء أيضاً على ‏ثمانية فراسخ. ونتيجة لذلك وبسبب الاختلاف الشديد الذي حدث في عصرنا بين المعيار الزمني ‏والمكاني سيُواجه الاستناد إلی الشهرة حينئذٍ إشكالية مهمّة، فإنّه قياس مع الفارق؛ لأنّه في نظر ‏العلماء السابقين كان المعياران متّحدين تقريباً، ولو فُرض أنّهم كانوا في عصرنا فلن يغضّوا النظر ‏بالتأكيد عن الاختلاف الكبير بين المعيارين.‏

إنّ روايات باب المسافة الشرعية وردت في کتاب الوسائل، وعمدة الروايات المتعلّقة بهذه ‏المسألة جُمعت في الباب الأوّل من صلاة المسافر. وسوف نبحث جميع روايات الباب بالإضافة ‏إلى بعض الروايات المتضمّنة لبعض النكات الأخرى والقرائن من سائر الأبواب والمصادر، وبوّبناها ‏في خمسة طوائف.

والأرقام التي سنُدرجها قبل الأحاديث تُمثّل أرقام الأحاديث الواردة في كتاب ‏وسائل الشيعة([1]).‏

في الوقت نفسه، في هذا البحث الموجز نظراً لضيق المجال سنغضّ النظر عن البحث الرجالي، ‏إلا في الحالات الخاصّة.‏

‏1ـ المعيار الزمني (وفيه 6 روايات):‏
‏11143. وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ آدَمَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا× عَنِ التَّقْصِيرِ: فِي كَمْ يُقَصِّرُ ‏الرَّجُلُ إِذَا كَانَ فِي ضِيَاعِ أَهْلِ بَيْتِهِ ـ وَأَمْرُهُ جَائِزٌ فِيهَا ـ يَسِيرُ فِي الضِّيَاعِ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ‏وَلَيَالِيَهُنَّ ؟ فَكَتَبَ: «التَّقْصِيرُ فِي مَسِيرِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ»([2]).‏

بحث وتحليل
ـ هذه الرواية صحيحة السند.‏

ـ إنّه في زمن زكريا بن آدم كون المعيار في السفر مكانياً هو المشهور؛ حيث تمّ تحديد الطرق، ‏ولكن ردّاً على ذلك ذكر الإمام× المعيار الزمني فقط.‏

يُمكن أن يُقال: إنّ سؤال الراوي كان حول «ضياع أهل بيته»، أي ما تملکه عائلته، وبما أنّ هذه ‏الممتلكات تقع في مناطق فرعية لم يتمّ تحديدها، فالتفت إلی المعيار الزمني الذي كان أسهل. ‏وبناءً على ذلك لا يُمكن استنتاج المعيار الزمني هو الأصل.‏

ولكن يجب أن نعرف أنّ الأصل في بيان الأحکام کلّيتها ما لم تصرفها قرينة لحالة خاصّة، ولا ‏تبدو مثل هذه القرينة في المقام.‏

أجل، هناك احتمال آخر، وهو أنّ ذکر «ضياع أهل بيته» هو من باب أن لا يُتصور أنّ الضياع له، ‏ومن أجل ذلك أن يكون له حكم خاصّ ويُسبّب خطأ، بل إنّه أراد أن يُبيّن مورد السؤال بدقّة من ‏أجل الحصول على حكم المسألة بدقّة، وقد يكون من الممكن استخدام «وأمره جائز فيها» بعنوان ‏قرينة، وفي هذه الحالة يُمکن أن يُستفاد حكم عام والمعيار الزمني أيضاً.‏

هذا، وقد اعتبر بعض الباحثين هذه الرواية إشارة إلى أقوال أهل السنّة ومن باب التقية
أو ملفّق النهار ‏والليل (على سبيل المثال: أربع فراسخ في النهار وأربع فراسخ في الليل)،
فقد أفاد الشيخ الحر ‏العاملي في شرح الرواية: «هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَسِيرُ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثَمَانِيَةَ فَرَاسِخَ أَوْ عَلَى أَنَّ (الْوَاوَ) ‏بِمَعْنَى (أَوْ) لِمَا تَقَدَّمَ وَيَأْتِي، أَوْ عَلَى التَّقِيَّةِ لِمُوَافَقَتِهِ لِبَعْضِ الْعَامَّةِ».‏

لکن له تبرير آخر ـ لم أر من نبّه عليه ـ وهو أنّ هذه الرواية ستُفسّر الرواية الأولى من الباب: «... ‏وَلَوْ لَمْ يَجِبْ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ لَمَا وَجَبَ فِي مَسِيرَةِ أَلْفِ سَنَةٍ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ يَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ ‏فَإِنَّمَا هُوَ نَظِيرُ هَذَا الْيَوْمِ، فَلَوْ لَمْ يَجِبْ فِي هَذَا الْيَوْمِ لَمَا يَجِبُ فِي نَظِيرِهِ، إِذْ كَانَ نَظِيرُهُ مِثْلَهُ لَا فَرْقَ ‏بَيْنَهُمَا».‏

لقد ورد في الرواية «يوم وليلة»، ويُحتمل أنّ القرينة تُرکت أو سقطت من نص الرواية، وهي ‏حركة الشخص مشياً على قدميه؛ فإنّ مشي الشخص بمقدار ثماني فراسخ على الأقدام ليلاً ونهاراً ‏يشمله حكم القصر.

أمّا إذا استراح الليل الشخص نفسه وسار في اليوم الثاني الباقي من الثمانية ‏فراسخ، فعلی أساس ذيل الرواية الأولى «...لَمَا وَجَبَ فِي مَسِيرَةِ أَلْفِ سَنَةٍ...» لا يشمله الحكم؛ لأنّ ‏استراحته في الليل قضت على نفي فلسفة وحكمة التقصير وهي إرهاق رحلة يوم واحد على الأقلّ ‏ثمانية فراسخ.‏

ومن الواضح أنّه مع هذه الاحتمالات لا يصحّ تفسير الرواية بنحو بحيث يُمكن استخدامها في ‏الاستدلال، ووفقاً للتفسير الأخير فإنّ التعب لازم المعيار الزمني.‏

‏11147. وَعَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِاللَّهِ‏‏× قَالَ: «لَا بَأْسَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُتِمَّ ]الصَّلَاةَ فِي سَفَرِهِ[([3]) مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ»([4]). ‏

بحث وتحليل‏
ـ في سند رواية أبو جميلة (مفضل بن صالح) الذي ضعّفه النجاشي([5]).‏

ـ في هذه الرواية، تمّ لحاظ المعيار الزمني فقط.‏

ـ في هذه الرواية عبّر عن الشخص الذي مشى مدّة يومين بـ «المسافر»، وهذا الإطلاق عُرفي ‏لإتمام الصلاة.‏

ـ «لا بأس» جواز وترخيص، وهو يتعارض مع الروايات الأخرى؛ لأنّه علی أساس الروايات ‏الحكم بالقصر ليس جائزاً، بل واجب.‏

ـ «مسيرة يومين» أيضاً هذا المعيار مختلف مع الروايات الأخرى، ولذا حملها بعضهم على ‏التقية، حيث أفاد الشيخ الحر العاملي في شرح الرواية: «حَمَلَهُ الشَّيْخُ عَلَى التَّقِيَّةِ، وَجَوَّزَ حَمْلَهُ عَلَى ‏مَنْ يَسِيرُ فِي الْيَوْمَيْنِ أَقَلَّ مِنَ الْمَسَافَةِ».‏

وعلى أيّ حال فهذا المعيار غير مقبول، وبشكل عام لا يُمكن الإفادة من هذه الرواية كثيراً.‏

‏11154. وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ عَنْ أَخِيهِ الْحُسَيْنِ ‏عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَ× عَنِ الرَّجُلِ يَخْرُجُ فِي سَفَرِهِ وَهُوَ فِي([6]) ‏مَسِيرَةِ يَوْمٍ؟ قَالَ: «يَجِبُ عَلَيْهِ التَّقْصِيرُ ]فِي[([7]) مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَإِنْ كَانَ يَدُورُ فِي عَمَلِهِ»([8]).‏

بحث وتحليل‏
ـ الرواية صحيحة السند.‏

ـ رغم أنّ الرواية عن الإمام موسى الكاظم×، وكان المعيار السائد في عصره هو ثمانية ‏فراسخ، إلا أنّ الإجابة كانت تستند إلى المعيار الزمني، ولم تهتمّ بالمعيار المكاني.‏

ـ معنى عبارة «يدور في عمله» غير واضح، ومعناها يتردّد بين تكرار العمل، أو ذهاباً وإياباً، أو ‏ذهاباً وإياباً أي المرور على بعض ممتلكاته وثرواته([9]).‏

‏11232. وَعَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ عَنْ عِدَّةٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي ‏جَعْفَرٍ× قَالَ: قُلْتُ: الرَّجُلُ يُشَيِّعُ أَخَاهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ؟ قَالَ: «يُفْطِرُ وَيَقْضِي». قِيلَ ‏لَهُ: فَذَلِكَ أَفْضَلُ أَوْ يُقِيمُ وَلَا يُشَيِّعُهُ؟ قَالَ: «يُشَيِّعُهُ وَيُفْطِرُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ حَقٌّ عَلَيْهِ»([10]).‏

بحث وتحليل‏
ـ سند الرواية فمن جهة حميد بن زياد وابن سماعة ـ وكلاهما واقفيان وثقتان ـ تكون موثّقة.‏

ـ اُشير إلی المعيار الزمني فقط.‏

ـ يُستفاد من ظاهر عبارة «يوم ويومين» أنّ المراد من الواو «أو»؛ أي: مسير يوم واحد أو مسير ‏يومين، وبما أنّ الإمام× لم يُقيّد بالزمن فيُمكن استفادة كفاية يوم واحد للقصر.‏

ولكن تبقى نقطة واحدة، وهي أنّه علی فرض طيّ مسير يوم کان أقلّ من ثمانية فراسخ فما هو ‏الحکم؟

‏ظاهر الرواية شموله لمثل هذا الفرض، بينما في بعض الروايات (11141) إذا كان أقلّ من ‏ثمانية فراسخ، فلا يشمله الحكم.‏

‏11213، مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ‏الْحَسَنِ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُسَافِرِ... إِلَى أَنْ قَالَ: «وَمَنْ سَافَرَ قَصَّرَ الصَّلَاةَ وَأَفْطَرَ ‏إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا مُشَيِّعاً لِسُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ خَرَجَ إِلَى صَيْدٍ أَوْ إِلَى قَرْيَةٍ لَهُ تَكُونُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ يَبِيتُ إِلَى ‏أَهْلِهِ لَا يُقَصِّرُ وَلَا يُفْطِرُ»([11]).‏

وَبِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ زُرْعَةَ مِثْلَهُ([12]).‏

بحث وتحليل‏
ـ كلا السندين موثّقان.‏

ـ ذكر المعيار الزمني فقط.‏

‏11220، وَعَنْهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْقُمِّيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِاللَّهِ× ‏قَالَ: قُلْتُ لَهُ: الرَّجُلُ يَخْرُجُ إِلَى الصَّيْدِ مَسِيرَةَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ يَقْصُرُ أَوْ يُتِمُّ؟ فَقَالَ: «إِنْ خَرَجَ لِقُوتِهِ ‏وَقُوتِ عِيَالِهِ فَلْيُفْطِرْ وَلْيَقْصُرْ، وَإِنْ خَرَجَ لِطَلَبِ الْفُضُولِ فَلَا، وَلَا كَرَامَةَ».‏

وَرَوَاهُ الصَّدُوقُ مُرْسَلًا، وَرَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلَهُ([13]).‏

بحث وتحليل‏
ـ الرواية مرسلة بطرقها الثلاثة.‏

ـ تمّ ذكر المعيار الزمني فقط.‏

‏2ـ المعيار المكاني
روايات هذا المعيار كثيرة نسبياً وردت في فصول مختلفة، ولكن هناك نقطتان تُوجبان عدم ‏الاعتناء بكثرتها، وهما:‏

أ ـ المساواة التقريبية بين المعيارين الزماني والمكاني في الماضي.‏

ب ـ بروز المعيار المكاني أكثر بمرور الزمان؛ نظراً لتعيين الطرق الرئيسية وكونها أسهل.‏

ومهما يكن من أمر نُشير فيما يلي الى أهمّ روايات الباب:‏

‏11141. وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ يَحْيَى الْكَاهِلِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الإمام الصَّادِقَ×يَقُولُ:
«فِي التَّقْصِيرِ فِي ‏الصَّلَاةِ بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِيلًا»، ثُمَّ قَالَ: «كَانَ أَبِي× يَقُولُ:
إِنَّ التَّقْصِيرَ لَمْ يُوضَعْ ‏عَلَى الْبَغْلَةِ السَّفْوَاءِ([14]) وَالدَّابَّةِ النَّاجِيَةِ، وَإِنَّمَا وُضِعَ عَلَى سَيْرِ الْقِطَار»([15]).

وَ‌رَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ يَحْيَى ‏الْكَاهِلِيِّ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ مِيلًا([16])، وَرَوَاهُ أَيْضاً بِهَذَا السَّنَدِ إِلَى آخِرِهِ([17]).‏

بحث وتحليل‏
ـ الرواية صحيحة السند ومعتبرة.‏

ـ المعيار المذكور فيها مكاني.‏

ـ «24 ميلاً» تساوي ثمانية فراسخ، وبالتالي فإنّ «بَرِيدٌ أو بَرِيدٍ» (أربعة في أربعة) يساوي ثمانية ‏، وليس ستة عشر؛ كما في روايات أخرى ذكرت «بريدين أو بريدان» وهي تساوي ثمانية فراسخ. ‏وربّما حدث تصحيف وكان الأصل «بَرِيدٌ أو بَرِيدٍ». على أيّ حال، تمّ تحديد هذا المقدار فقط ‏للقوافل المتعارفة آنذك كما صرّح به في الرواية، وهذا المقدار لا علاقة له بالوسائل السريعة ‏کالخيول والسيارات وما إلى ذلك، ولم يتمّ تحديده لهم «لَمْ يُوضَعْ عَلَى..»، وتکليفهم في هذه ‏الرواية طُرح مع الغموض، ولكن هناك شيء واضح وهو أنّ حكمهم يختلف عن ثمانية فرسخ، ‏وإلا فإنّ قوله «لم يوضع...» لن يكون صادقاً.‏

والمثير أنّ في الحديث 11139 قد اعتبر ما قلّ عن الثمانية فراسخ خارجة عن نطاق الحكم ‏بالقصر.‏

ـ وهذه الرواية عجيبة! وقد استفاد البعض منها حکم الوسائل السريعة، لكن بحسب رأي ‏الكاتب الرواية واضحة تماماً وتجيب على السؤال الرئيسي لهذا المقال، أي: لو كنا نحن وهذه ‏الرواية فسنحصل على الإجابة الكاملة.‏

وأمّا فهمنا لهذه الرواية:‏

أنّ الإمام× يقول: إنّ معيار القصر ثمانية فراسخ، لكن ليس أن تمشي هذه الثمانية الفراسخ ‏بالوسيلة السريعة، لا، بل القصر في ثمانية فراسخ لحركة قافلة الإبل، ومعنى هذا أنّ عليك المشي ‏يوماً ما حتى تكون مشمولاً لحكم القصر.‏

إثارة
وقد يقول قائل: لقد حدّد الإمام المعيار أوّلاً ثمّ حدّد المقدار بالمعيار الزمني، أي: حركة قافلة ‏الإبل في يوم واحد، «ولم يوضع» أي: لم يُحدّد المعيار على أساس الدابّة الناجية، لا أنّ الدابة ‏الناجية ليست مشمولة للقصر.‏

ورداً على ذلك نقول:‏

أولاً: لم يرد ذكر الزمان في متن الرواية، وهذا يدلّ على أنّ المشكلة كانت نوع المركب ‏وسرعته، وليس حجم ومقدار ثمانية فراسخ؛ أي: إنّ الشخص يعلم أنّ الثمانية فراسخ هي حدّ ‏القصر، لكن وصل بوسيلة سريعة، ثم سأل مثلاً هل صلاتي قصر؟ فأجاب الإمام×: لم يوضع ‏القصر للوسيلة سريعة، وقطار الجمال مشمول للقصر، أو لم يكن هناك سؤال وجواب إطلاقاً، ‏وأراد الإمام× أن يبيّن الحكم فقال: 1. كون المعيار ثمانية فراسخ. ۲. أنّ قطع هذه الثمانية ‏فراسخ بالوسيلة السريعة ليس كافياً، ولا يشمل القصر الوسيلة السريعة على الإطلاق. 3. القصر فقط ‏‏(إنّما) يشمل قافلة الجمال، ممّا يقتضي رحلة يوم واحد.‏

من الواضح أنّه مهما حاولنا أن نجعل مركباً سريعاً مشمولاً لحكم القصر فإنّه لا يتلاءم مع قوله «‏لم يوضع»، وإذا كان حقًا مشمولاً للحكم فإنّ الإمام أفصح فصحاء العالم، كان يُمكنه أن يُصرّح ‏بالحكم بسهولة بحيث لا يخطئ المخاطب ولا يشتبه في فهم مراجعه، بأن يُقال: معيار القصر هو ‏حركة الجمل، والمرکب السريع بنفس المقدار مشمول للحكم. فهل كان يصعب على الإمام× أن ‏يتكلّم بوضوح؟!‏

ثانياً: على افتراض أنّ الدابة الناجية ـ أي: المرکب السريع ـ کالسيارة اليوم مشمول للحكم، ‏فقوله: «لم يوضع» لن يکون صحيحاً، والإمام المعصوم× يتحدّث دائماً بطريقة لا تبدو خاطئة ‏في ذهن المخاطب، أو على الأقلّ حين يُفسير العبارة ينبغي أن لا يُواجه تكلّفاً.‏

‏11144. وَفِي عُيُونِ الْأَخْبَارِ ـ بِأَسَانِيدَ تَأْتِي ـ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الرِّضَا× فِي كِتَابِهِ إِلَى ‏الْمَأْمُونِ: «وَالتَّقْصِيرُ فِي ثَمَانِيَةِ فَرَاسِخَ وَمَا زَادَ، وَإِذَا قَصَّرْتَ أَفْطَرْتَ»([18]).‏

بحث وتحليل‏
ـ إن سند هذه الرواية كسند الرواية الأولى وهي بشكل عام معتبرة.‏

ـ وصرّح في هذه الرواية بالمعيار المكاني، ولكن لا ينبغي إغفال أنّ الرواية تتعلّق بالإمام الرضا ‏‏×، وفي زمانه اعتاد الناس على المعيار المكاني، ومن ثَمّ لا يُستفاد أصالته.‏

ـ التعبير «وما زاد» كما قيل سابقاً، يتعارض مع «ولا أکثر» في الرواية الأولى. والمعنى المتبادر من «‏وما زاد» في هذه الرواية هو التعبير عن أنّ الثمانية فراسخ هي الحدّ الأدنى للسفر الشرعي؛ أي: إذا ‏مشي المسافر ثمانية فراسخ أو أكثر تقصر صلاته وبتبعه يسقط عنه الصوم.‏

‏11148. وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا× قَالَ: سَأَلْتُهُ ‏عَنِ الرَّجُلِ يُرِيدُ السَّفَرَ فِي كَمْ يُقَصِّرُ؟ فَقَالَ: « فِي ثَلَاثَةِ بُرُدٍ »([19]).‏

بحث وتحليل‏
ـ الرواية صحيحة السند.‏

ـ المعيار المذكور في الرواية (ثلاثة برد) يتعارض مع الروايات الأخرى، ولذلك حُمل على ‏التقية، فقد أفاد الشيخ الحر العاملي في شرح الرواية: «حَمَلَهُ الشَّيْخُ أَيْضاً عَلَى التَّقِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ لَا ‏تَصْرِيحَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يُقَصِّرُ فِيمَا دُونَهَا».‏

‏11152. وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ (عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ)([20]) بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ ‏صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيصِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي عَبْدِاللَّهِ× قَالَ: «فِي التَّقْصِيرِ حَدُّهُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ‏مِيلًا»([21]).‏

بحث وتحليل‏
ـ إنّ الرواية موثّقة من جهة ابن فضّال الذي هو فطحي المذهب وإن كان ثقة.‏

ـ المعيار المصرّح به هو المکاني.‏

وانظر أيضاً: الرواية المرفقة 11149‏

‏11155. مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِالْعَزِيزِ الْكَشِّيُّ فِي كِتَابِ الرِّجَالِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ عَنِ ‏الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ‏مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ× عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ| قَالَ: «التَّقْصِيرُ يَجِبُ فِي بَرِيدَيْنِ»([22]).‏

بحث وتحليل‏
ـ الرواية صحيحة السند.‏

‏11156. الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ فِي الْأَمَالِي بِإِسْنَادٍ يَأْتِي فِي إِقَامَةِ الْعَشَرَةِ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ ‏عَنْ عَلِيٍّ× وَعُمَرَ وَأَبِي بَكْرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: «لَا تُقَصَّرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ»([23]).‏

بحث وتحليل‏
ـ الرواية من ناحية السند ضعيفة، ومن حيث المحتوی شاذّة ولا يُعتنی بها.‏

11165. انظر أيضاً: الرواية رقم 11165 (تحت القسم الثالث، أي: الروايات التي تشير إلى ‏حكمة التقصير).‏

‏3ـ حكمة التقصير (روايتان)‏
‏11165. وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ ‏الْحَسَنِ بْنِ رِبَاطٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ× قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ التَّقْصِيرِ؟ قَالَ: ‏‏«فِي بَرِيدٍ» قَالَ: قُلْتُ: بَرِيدٌ؟! قَالَ: «إِنَّهُ إِذَا ذَهَبَ بَرِيداً وَرَجَعَ بَرِيداً فَقَدْ شَغَلَ يَوْمَهُ».‏

بحث وتحليل‏
ـ سند الرواية موثّقة؛ نظراً لوجود ثلاثة من الفطحيين، وهم علي بن الحسن بن فضّال عن ‏أحمد بن الحسن بن أبيه (وكان قد رجع عند ملّته إلى المذهب الحق)، ولكن لم يعتنَ بها.‏

ـ «فقد شغل يومه» إذا قورن بمعيار الثمانية فراسخ يشعر بتطابق المعيارين المكاني والزماني.‏

ـ لم يقل الإمام× إن ذهب بريداً ورجع بريداً فقد بلغ ثمانية فراسخ، بل يقول: فقد شغل ‏يومه؛ أي: المعيار الاشتغال يوماً واحداً، وليس ثمانية فراسخ.‏

ـ حسب قيد «فقد شغل يومه» إذا كان الشخص يقضي ثمانية فراسخ في أقلّ من يوم ـ على ‏سبيل المثال ـ نصف يوم، فلن يشمله حكم التقصير.‏

‏11139. اُنظر: 11139 الرواية ذيل القسم الخامس

‏4ـ اعتبار كلا المعيارين دون ترجيح أحدهما للآخر (روايتان)‏
‏11145. مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ ‏أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي عَبْدِاللَّهِ× قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ التَّقْصِيرِ ؟ قَالَ: فَقَالَ: «فِي بَرِيدَيْنِ ‏أَوْ بَيَاضِ يَوْمٍ»([24]).‏

بحث وتحليل‏
ـ سند الرواية صحيح.‏

ـ تمّ ذكر كلا المعيارين وجاءا علی نحو البدل، ولكن يبدو أنّ ذلك ليس من باب البدل بل من ‏باب التفسير، وفي هذه الحالة ينطبق الحکم فقط على المسافرين الذين يتوفّر فيهم كلا المعيارين ‏ولو بشكل تقريبي، وأمّا في صورة وجود فرق كبير في المعيارين لا يشملهم الحکم.‏

ـ إنّ تقديم بريدين على بياض يوم لشهرة المسافة المكانية وغلبة الإلتفات إليها في ذلك الوقت ‏لا يدلّ على کونها أصلاً. (في الرواية رقم 11149جاء بنحو العکس).‏

ـ «بياض اليوم» هو تعبير آخر عن «مسيرة يوم»، ويظهر أنّ «اليوم العُرفي» هو المعيار، ‏وليس «اليوم الشرعي» الذي يبدأ عند الفجر. وبياض اليوم ينطبق على حركة القوافل من حوالي ‏بداية شروق الشمس حتى غروبها.‏

ـ «أو» إمّا للتفسير أو للتنويع؛ فإذا كان تفسيراً فهذا يقتضي أنّ هذين متساويان، وإذا كان ‏للتنويع (أو بياض يوم أو ثمانية فراسخ) فإنّ التجاور بين الاثنين يظهر أنّ هناك تناسباً بين الاثنين ‏ولو تقريبي. وعلى أيّة حال فإنّ فرض مسألتنا أنّ السير ثمانية فراسخ بما لا يكون في يوم واحد ‏خارج عن مصداق الرواية.‏

‏11149. وَبِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ ‏لِأَبِي عَبْدِاللَّهِ×: فِي كَمْ يُقَصِّرُ الرَّجُلُ؟ قَالَ: «فِي بَيَاضِ يَوْمٍ أَوْ بَرِيدَيْنِ([25]).‏

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَزَادَ «فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ| خَرَجَ إِلَى (ذِي خُشُبٍ)([26]) فَقَصَّرَ وَأَفْطَرَ»([27]). قُلْتُ: وَكَمْ ذِي خُشُبٍ ؟ قَالَ «بَرِيدَانِ»([28]).‏

بحث وتحليل‏
ـ سند الرواية صحيح.‏

ـ في هذه الرواية تمّ اعتبار كلا المعيارين.‏

ـ خلافاً للرواية رقم 11145، في هذه الرواية تقدم «بياض يوم».‏

ـ كما سبق في بحث الرواية 11145، هناك تفسيران لـ «أو»، والسفر بالوسائل السريعة ‏کالسيارة ليس مصداقاً لأيّ منهما، وبالتالي حتى أولئك الذين يعتقدون بمناسبة «أو» قالوا بتخيير ‏المسافر في العمل بأيّ من المعيارين يجب أن يُلاحظ التناسب بينهما؛ أي: إن سافر المسافر ‏بواسطة الجمل ونحوه بحسب القول بالتخيير يكون مخيّراً لاختيار أحد المعيارين، أمّا إذا سافر ‏بسيارة سريعة فلا يجوز له اختيار المعيار المکاني؛ لأن أصل التناسب المستفاد من ظاهر الروايات ‏مفقود في الفرض المذکور.‏

ـ في الرواية الملحقة اُشير إلی المعيار المكاني فقط، ولكن في رواية مشابهة (رواية رقم ‏‏11142) ما نصّه: «وَهُوَ مَسِيرَةُ يَوْمٍ مِنَ الْمَدِينَةِ يَكُونُ إِلَيْهَا بَرِيدَانِ»، والجمع بينهما: أنّ الإمام ‏تحدّث بلسان القوم في زمانه، وأشار فقط إلى المعيار المشهور والمألوف.‏

‏5ـ أصالة معيار واحد وکون المعيار الآخر تفسيرياً وأمارياً (6 روايات)‏
‏11139. مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الرِّضَا× أَنَّهُ سَمِعَهُ ‏يَقُولُ: «إِنَّمَا وَجَبَ التَّقْصِيرُ فِي ثَمَانِيَةِ فَرَاسِخَ، لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ ثَمَانِيَةَ فَرَاسِخَ مَسِيرَةُ ‏يَوْمٍ لِلْعَامَّةِ وَالْقَوَافِلِ وَالْأَثْقَالِ، فَوَجَبَ التَّقْصِيرُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ، وَلَوْ لَمْ يَجِبْ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ لَمَا ‏وَجَبَ فِي مَسِيرَةِ أَلْفِ سَنَةٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ يَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ فَإِنَّمَا هُوَ نَظِيرُ هَذَا الْيَوْمِ، فَلَوْ ‏لَمْ يَجِبْ فِي هَذَا الْيَوْمِ لَمَا يَجِبُ فِي نَظِيرِهِ؛ إِذْ كَانَ نَظِيرُهُ مِثْلَهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا»([29]).‏

بحث وتحليل‏
ـ طريق الشيخ الصدوق إلى الفضل بن شاذان كالتالي: «وما كان فيه عن الفضل بن شاذان من ‏العلل الّتي ذكرها عن الرّضا× فقد رويته عن عبدالواحد بن عبدوس النّيسابوريّ العطّار ـ رضي ‏اللّه عنه ـ عن عليّ ابن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان النيسابوريّ، عن الرّضا×»([30]).‏

ـ في سند الرواية ابن عبدوس مجهول وابن قتيبة لم يوثّق.‏

ـ «لأنّ... مسيرة يوم»: «لأنّ» إمّا أن نأخذها تعليلية أو لبيان الحكمة، فهو يشعر بإلقاء المعيار ‏الزماني.‏

ـ «فَوَجَبَ التَّقْصِيرُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ»: يشعر بأصالة المعيار الزماني بالنسبة إلی المعيار المكاني.‏

ـ «وَلَوْ لَمْ يَجِبْ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ...» بيان حكمة التقصير (تعب الطريق) التي لا تتحقّق في زماننا ‏إلا مع مسيرة يوم. كما ورد هذا الأمر صراحة في الجزء المحذوف من الرواية. وتجدر الإشارة إلى ‏أنّ زوال الحكمة لا يكون دليلاً على رفع الحكم، ولكن لدى لحاظ النسبة بين الحكمة والحكم ـ ‏أي: موقع وتأثير الحكمة ـ يُمكن استخدامها في مکان القرينة؛ بتعبير آخر: إذا كان لدينا في ‏عصرنا مفهومان، أحدهما مطابق مع الحكمة والآخر مخالف لها، فإنّ وجود الحكمة قرينة علی ‏صحة الفهم الموافق لها.‏

ـ إن عبارة «وَلَا أَكْثَرَ» لا تنسجم مع محتوی رواية أخرى تليها في الباب نفسه (الرواية السادسة ‏‏11144) عن الفضل بن شاذان؛ وهذا يقتضي أنّنا يجب أن نبحث عن وجه استعمال التعبير «ولا ‏أكثر».‏

ـ «لا أکثر» يُمكن أن يُشير إلى فتاوى المخالفين([31])؛ أي: إنّ الوحدة الزمنية فقط بياض يوم ‏تساوي ثمانية فراسخ، وليس ليلاً ونهاراً كما يقول بعض السنّة؛ أي: إنّ المعيار
هو حركة القوافل ‏في يوم واحد فقط، وليس يومين أو ثلاثة أيام أو ليلاً ونهاراً ونحو
ذلك.‏

ـ لفظة «إنّما» تدلّ علی الحصر، لكن دلالتها في حدود ما وراء السؤال وما يصطلح عليه ‏بالحصر الإضافي، والذي يوجب ربما تأكيد قيد «ولا أکثر». والحصر الإضافي مثل: >وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ...‏([32])، وأيضاً: >إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ...‏([33])، وليس في الآية الأخيرة سلب ونفي للصفات الأخری للنبي الأکرم ‏‏|، وليس في الآية الأخيرة أيضاً نفي لحرمة أشياء أخرى کلحم الكلب، بل الحصر إضافي ‏حسب ذهنية المخاطب.‏

ـ في هذه الرواية الموقف من الحركة الضعيفة بحيث إنّه لا يصل إلى ثمانية فراسخ واضح، ‏وليس لها حكم السفر الشرعي، ولكن الموقف من حركة الحصان السريع غير واضح؛ لأنّه وفقاً ‏لقيد «لا أكثر» فإنّ حركة الحصان السريع لا تستغرق يوماً كاملاً.‏

فتحصّل من بحث الرواية: أنّه على الرغم من المعيار المكاني المصرّح به تدلّ هذه الرواية على ‏أصالة المعيار الزماني، وحكمة التقصير بلحاظ مراعاة التعب الغالب للمسافرين على أساس المعيار ‏الزماني تُعتبر قرينة علی صحة هذا الاستنتاج.‏

ملحوظة

إنّ الرواية المذكورة أعلاه مقطّعة، وأصل الرواية أيضاً يدلّ علی حکمة التقصير، وإليك النصّ ‏كاملاً في الفقيه:‏

ذَكَرَ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ النَّيْسَابُورِيُّ& فِي الْعِلَلِ الَّتِي سَمِعَهَا مِنَ الرِّضَا×: إِنَّ الصَّلَاةَ إِنَّمَا ‏قُصِرَتْ فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ أَوَّلًا إِنَّمَا هِيَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ، وَالسَّبْعُ إِنَّمَا زِيدَتْ فِيهَا بَعْدُ، ‏فَخَفَّفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْعَبْدِ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لِمَوْضِعِ سَفَرِهِ وَتَعَبِهِ وَنَصَبِهِ وَاشْتِغَالِهِ بِأَمْرِ نَفْسِهِ ‏وَظَعْنِهِ وَإِقَامَتِهِ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عَمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ مَعِيشَتِهِ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَعَطُّفاً عَلَيْهِ، إِلَّا ‏صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا لَا تُقَصَّرُ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مُقَصَّرَةٌ فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّقْصِيرُ فِي ثَمَانِيَةِ فَرَاسِخَ ‏لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَاأَكْثَرَ 1؛ لِأَنَّ ثَمَانِيَةَ فَرَاسِخَ مَسِيرَةُ يَوْمٍ لِلْعَامَّةِ وَالْقَوَافِلِ وَالْأَثْقَالِ 2، فَوَجَبَ التَّقْصِيرُ ‏فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ، وَلَوْ لَمْ يَجِبْ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ لَمَا وَجَبَ فِي مَسِيرَةِ أَلْفِ سَنَةٍ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ ‏يَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ 3 فَإِنَّمَا هُوَ نَظِيرُ هَذَا الْيَوْمِ، فَلَوْ لَمْ يَجِبْ فِي هَذَا الْيَوْمِ لَمَا وَجَبَ فِي نَظِيرِهِ إِذْ ‏كَانَ نَظِيرُهُ مِثْلَهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا تُرِكَ تَطَوُّعُ النَّهَارِ وَلَمْ يُتْرَكْ تَطَوُّعُ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ لَا يُقَصَّرُ ‏فِيهَا لَا يُقَصَّرُ فِي تَطَوُّعِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَغْرِبَ لَا يُقَصَّرُ فِيهَا فَلَا تَقْصِيرَ فِيمَا بَعْدَهَا مِنَ التَّطَوُّعِ، ‏وَكَذَلِكَ الْغَدَاةُ لَا تَقْصِيرَ فِيهَا فَلَا تَقْصِيرَ فِيمَا قَبْلَهَا مِنَ التَّطَوُّعِ، وَإِنَّمَا صَارَتِ الْعَتَمَةُ مَقْصُورَةً وَلَيْسَ ‏تَتْرُكُ رَكْعَتَيْهَا؛ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لَيْسَتَا مِنَ الْخَمْسِينَ، وَإِنَّمَا هِيَ زِيَادَةٌ فِي الْخَمْسِينَ تَطَوُّعاً لِيُتِمَّ بِهِمَا ‏بَدَلَ كُلِّ رَكْعَةٍ مِنَ الْفَرِيضَةِ رَكْعَتَيْنِ مِنَ التَّطَوُّعِ، وَإِنَّمَا جَازَ لِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ أَنْ يُصَلِّيَا صَلَاةَ اللَّيْلِ ‏فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ لِاشْتِغَالِهِ وَضَعْفِهِ وَلِيُحْرِزَ صَلَاتَهُ فَيَسْتَرِيحَ الْمَرِيضُ فِي وَقْتِ رَاحَتِهِ وَلِيَشْتَغِلَ الْمُسَافِرُ ‏بِاشْتِغَالِهِ وَارْتِحَالِهِ وَسَفَرِهِ‏([34]).‏

‏11140. وَرَوَاهُ فِي الْعِلَلِ وَعُيُونِ الْأَخْبَارِ بِإِسْنَادٍ يَأْتِي وَزَادَ: «وَقَدْ يَخْتَلِفُ الْمَسِيرُ، فَسَيْرُ الْبَقَرِ إِنَّمَا ‏هُوَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ، وَسَيْرُ الْفَرَسِ عِشْرُونَ فَرْسَخاً، وَإِنَّمَا جُعِلَ مَسِيرُ يَوْمٍ ثَمَانِيَةَ فَرَاسِخَ؛ لِأَنَّ ثَمَانِيَةَ ‏فَرَاسِخَ هُوَ سَيْرُ الْجَمَّالِ‏ وَالْقَوَافِلِ، وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى الْمَسِيرِ، وَهُوَ أَعْظَمُ السَّيْرِ الَّذِي يَسِيرُهُ الْجَمَّالُونَ ‏وَالْمُكَارُونَ»([35]).

بحث وتحليل‏
ـ عبارة «وَإِنَّمَا جُعِلَ مَسِيرُ يَوْمٍ ثَمَانِيَةَ فَرَاسِخَ» تُشير إلى أنّ الأصل مسيرة يوم والتي جعل ‏ثمانية فراسخ بعدها. وفي الواقع إنّ العبارة تشرح کيفية تأثير ثمانية فراسخ في تغيير المقياس.‏

ـ إنّ عبارة «لِأَنَّ ثَمَانِيَةَ فَرَاسِخَ هُوَ سَيْرُ الْجَمَّالِ وَالْقَوَافِلِ» وعدم الاهتمام بالسير في الشتاء أو ‏الصيف تُبيّن عدم تفاوت معتنی به في حرکة القوافل في الفصول المختلفة، رغم أنّه في الشتاء کان ‏وقوفهم أقلّ وفي الصيف کان وقوفهم أکثر.‏

ـ ألفاظ هذه الرواية لا تُرشّحها للاستدلال من حيث إطالتها من جهة، ولاشتمال على تبيين ‏بعض النکات، أو لكونها لا امتياز لها باللحاظ الأدبي في موقع التعارض مع بعض الروايات ‏المعارضة.‏

وعلى أيّة حال فقد أشارت إلی کلا المعيارين المكاني والزماني، ونفي الأقلّ والأکثر کان بالنسبة ‏إلی المعيار المکاني الذي يُحتمل كونه مشاراً إليه في جوّ السؤال. والإمام× مع بيان المعيار ‏الآخر بل المعيار الأساسي، أي: المعيار الزمني يُبرّر جعل يوم واحد معيار القصر وثمانية فراسخ ‏وکون المعيار المكاني ليس أكثر من ثمانية فراسخ. فيُبيّن هذا النحو من الورود أنّ السائل طرح سائر ‏الآراء في المسألة الذي أکثر من يوم أو أکثر من ثمانية فراسخ وحصر «لا أکثر»، و «وَلَوْ لَمْ يَجِبْ ‏فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ لَمَا وَجَبَ فِي مَسِيرَةِ أَلْفِ سَنَةٍ» يشير إلى ذلك؛ لذا ربّما لن يُمكن أن يُستفاد من ‏هذه الرواية ما يكون لصالح أيّ من المعيارين الزمني أو المکاني.‏

ـ في التعامل مع هذه الرواية هناك افتراضان قابلة للطرح:‏

الافتراض الأوّل: إنّ معيار حركة قوافل الجمال الذي جُعل آنذاك معياراً کذلک معتبر أيضاً في ‏زماننا هذا. وعلى أساس هذا الفرض تكون ثمانية فراسخ معياراً، أي: اليوم أيضاً إذا تحرّکت قافلة ‏الجمال يتحقّق السفر رأس ثمانية فراسخ.‏

الافتراض الثاني: كون المعيار هو حركة القوافل الغالبة في كلّ زمان، فأغلب القوافل في الزمن ‏القديم كانت قوافل الجمال، وأمّا اليوم فهي حافلات النقل. وعلى أساس هذا الفرض حاصل ‏التنقيح والجري والتطبيق لو تحرّكت قافلة الجمال من الصباح إلى المساء وقطعت ثمانية فراسخ فلا ‏يتحقّق السفر؛ لأنّ السفر اليوم لا يتمّ على الجمال، بل ينبغي لحاظ أغلب القوافل في يومنا هذا ‏وحساب ما تقطعه من الصباح الى المساء فيكون هو المعيار، أجل، ثمّة نكتة سنُنبّه عليها لاحقاً.‏

الحاصل من بحث الرواية: إنّ الأصل في المعيار هو مسير يوم، و فی خصوص الوسائل ‏السريعة، فالرواية تكون مجملة.‏

ملحوظة

في بعض الروايات تمّ رفع الإجمال عن خصوص وسيلة السفر، نظير: مرسلة الصدوق في ‏المقنع: قال: سُئل أبو عبداللّه× عن رجل أتى سوقاً يتسوّق بها وهي من منزله على أربع فراسخ، ‏فإن هو أتاها على الدابّة أتاها في بعض يوم، وإن ركب السفن لم يأتها في يوم، قال: «يتمّ الراكب ‏الذي يرجع من يومه صوماً ويقصّر صاحب السفن»([36])‌.‏

بحث وتحليل‏
‏1. فيما يتعلّق بهذه الرواية يجب الانتباه إلی أنّ كلمة «صوماً» تُشير الى حكم صوم المسافر، و ‏‏«يقصر» تُشير إلى صلاته؛ لأنّ في لسان الروايات يذكر قطع الصوم مع «الإفطار» وليس مع «‏التقصير»، وإن كان يُستخدم في لسان بعض العلماء «تقصير الصوم».‏

‏2. للصوم والصلاة في الروايات حكم واحد إلا ما استُثني. ومن هنا فإنّ حلّ الرواية, هو بلحاظ ‏التساوي بين الصلاة والصوم.‏

‏3. إذا اعتبرنا «صوماً» للصيام فسوف يكون معارضاً مع الروايات الأخرى؛ لأنّ في هذه الرواية ‏لو عاد الشخص قبل الغروب الى منزله بحيث يصدق الرجوع فإنّ صومه صحيح. لذلك لا يُمكن ‏اعتبار هذه الرواية خالية عن الإجمال في خصوص الصلاة أو الصوم، ولكن بصورة عامّة إنّ الرواية ‏قد لاحظت التفاوت في وقت الوصول إلى المقصد كما لاحظت المعيار الزمني في السفر الشرعي.‏

‏11142. قَالَ: «وَقَدْ سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ| إِلَى ذِي خُشُبٍ ـ وَهُوَ مَسِيرَةُ يَوْمٍ مِنَ الْمَدِينَةِ يَكُونُ ‏إِلَيْهَا بَرِيدَانِ ـ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِيلًا فَقَصَّرَ وَأَفْطَرَ فَصَارَتْ سُنَّةً»([37]).‏

بحث وتحليل‏
ـ هذه الرواية من ناحية السند مرفوعة وضعيفة، ولكن مضمونها ورد في الروايات الصحيحة ‏أيضاً، وبالتالي فهي تزيد من الوقوف بها إلى حدٍّ ما:‏

‏5619 ـ 25 التهذيب، 4/222/22/1 الحسين عن النضر عن عاصم بن حميد عن أبي بصير قال ‏‏: قلت لأبي عبداللَّه×: في كم يقصر الرجل؟ قال: في بياض يوم أو بريدين؛ قال: «خرج ‏رسول اللَّه| إلى ذي خشب فقصر». قلت: وكم ذي خشب ؟ فقال: «بريدان»([38]).‏

ـ تقدّم التعبير بـ «مسيرة يوم»، وهذا التشابه بينه وبين ذي الخشب من حيث معيار السفر ‏الشرعي، «وَهو» يدلّ على أنّ المعيار الأساسي هو «مسيرة يوم». و «يکون إليها...» يُفسّر هذا ‏المعيار الزماني لأولئك الذين كانوا في زمن الإمام الباقر والإمام الصادق‘ قد أنسوا بالمعيار ‏المكاني، أي: ثمانية فراسخ و 24 ميلاً.‏

ـ إذا كان الأصل هو معيار السفر مكانياً فلا داعي للإمام× أن يتحدّث عن مسيرة يوم.‏

‏11146. وَعَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُسَافِرِ ‏فِي كَمْ يُقَصِّرُ الصَّلَاةَ ؟ فَقَالَ: «فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ، وَذَلِكَ بَرِيدَانِ، وَهُمَا ثَمَانِيَةُ فَرَاسِخَ...» الْحَدِيثَ([39]).‏

بحث وتحليل‏
ـ «زرعة» واقفي المذهب ولكنّه ثقة؛ ومن ثمّ فإنّ الرواية سنداً تكون موثّقة.‏

ـ «وذلک» يُشير إلى أنّ «مسيرة يوم» هو المعيار الأساسي، و «بريدان» التي تساوي لـ «‏ثمانية فراسخ» تفسيرها وعلامة على تحقّقها.‏

ـ والرواية رُويت عن الإمام الصادق×، وفي زمنه تمّ تحديد الطرق، وبحسب ظاهر الرواية ‏فإنّ ذكر المعيار الزمني في ذلك الوقت يُبطل فرضية أنّ المعيار المكاني هو الأصل.‏

‏11151. وَعَنْهُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُسَافِرِ فِي كَمْ يُقَصِّرُ الصَّلَاةَ ؟ ‏فَقَالَ: «فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ، وَهِيَ ثَمَانِيَةُ فَرَاسِخَ...» الْحَدِيثَ([40]).‏

بحث وتحليل‏
ـ أمّا سند الرواية فموثّقة؛ لوجود «زرعة» الذي سبق ذكره (الرواية 8).‏

ـ وهي کالرواية رقم (11146) عن سماعة عن الإمام الصادق×، حيث اُشير أوّلاً إلی ‏المعيار الزمني ثمّ فُسّر بالآخر؛ أي: الاصل هو المعيار الزمني (.. فَقَالَ: فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ، وَذَلِكَ ‏بَرِيدَانِ، وَهُمَا ثَمَانِيَةُ فَرَاسِخَ).‏

وهذا التشابه و التقارب ـ مع قطع النظر عن كون أيّهما هو الأصل للآخر ـ يُخرج بعض ‏المصاديق كالسفر بالوسائل السريعة عن نطاق الحكم أو لا أقلّ كونها تُواجه إبهاماً أو إشكالاً. ‏

‏11153. وَعَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ وَهَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ جَمِيعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ ‏عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي عَبْدِاللَّهِ× فِي حَدِيثٍ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: كَمْ أَدْنَى مَا يُقَصَّرُ فِيهِ ‏الصَّلَاةُ ؟ قَالَ: «جَرَتِ السُّنَّةُ بِبَيَاضِ يَوْمٍ». فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ بَيَاضَ يَوْمٍ يَخْتَلِفُ؛ يَسِيرُ الرَّجُلُ خَمْسَةَ ‏عَشَرَ فَرْسَخاً فِي يَوْمٍ، وَيَسِيرُ الْآخَرُ أَرْبَعَةَ فَرَاسِخَ وَخَمْسَةَ فَرَاسِخَ فِي يَوْمٍ؟ قَالَ: فَقَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ ‏إِلَى ذَلِكَ يُنْظَرُ؛ أَمَا رَأَيْتَ سَيْرَ هَذِهِ الْأَمْيَالِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مِيلًا ‏يَكُونُ ثَمَانِيَةَ فَرَاسِخَ»([41]).‏

بحث وتحليل‏
ـ إنّ الرواية موثّقة؛ لوجود «ابن فضّال» ـ الذي ورد في كلا السندين المعطوف أحدهما على ‏الآخر، وهو فطحي وموثّق ـ لكن بسبب روايات کثيرة من ثقات الإمامية وغير الإمامية منه ـ ومن ‏بينهم أجلاء الأصحاب کمحمد بن يحيى العطار، وأحمد بن محمد بن خالد البرقي، وأحمد بن ‏محمد العاصمي، وغيرهم من الشخصيات البارزة ـ يكشف عن قوّة اعتباره.‏

ـ إنّ دلالة عبارة «جَرَتِ السُّنَّةُ بِبَيَاضِ يَوْمٍ» على أصالة المعيار الزمني غير قابل للقياس مع أيّة ‏رواية أخرى، ويُمكن اعتبارها بقوّة النصّ مقابل الظاهر.‏

ـ الرواية ساكتة تماماً عن خصوص مَن يقطع خمسة عشر فرسخاً في يوم واحد بوسيلة سريعة؛ ‏وبتعبير آخر: لا يُفهم من الرواية أنّ مشي شخص ثمانية فراسخ في أقلّ من يوم مشمول الحکم أوْ ‏لا؟. في الواقع يُمكن القول بأنّه لمّا كانت سنّة رسول الله| منعقدة علی « بياض يوم » فإنّه لا ‏يُسأل عن الشخص الذي سار نصف يوم ـ على سبيل المثال ـ بغضّ النظر عن عدد الفراسخ التي ‏قطعها، ومثل هذا الشخص خارج تخصّصاً، وإنّما يقع السؤال عمّن يلي:‏

أوّلاً: اُولئك الذين يسيرون يوماً واحداً.‏

وثانياً: الذين يسيرون علی الأقلّ ثمانية فراسخ.‏

وعليه، فالشخص الثاني هو المشمول بالحکم، أمّا الأوّل ـ السائر أقلّ من ثمانية فراسخ ـ فلا ‏يشمله الحكم.‏

ـ حكم الطرف الأقلّ وهو المشي أقلّ من ثمانية فراسخ في يوم واحد قابل للفهم، أي: لا ‏يكون مشمولاً للحکم.‏

ـ من هذه الرواية يُمكن فهم أنّ موضوع الحکم ليس المسافر العُرفي، بل مسافر مشی لمدّة يوم ‏واحد على الأقلّ وفي الوقت نفسه قطع ثمانية فراسخ.‏

ـ عبارة «فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ بَيَاضَ يَوْمٍ يَخْتَلِفُ» هي استعارة، کجرت الميزاب؛ لأنّه إذا كان ‏اختلاف اليوم مقصوداً كان يجب أن يقول في الشرح والتفسير: كم يقطع في الشتاء وكذا مقدار في ‏الصيف، لا أن يمثّل بأشخاص مختلفين، ولكن حيث إنّ العبارة من غير المعصوم لا يُسبّب ذلك ‏اشكالاً.‏

ـ يُمکن أن نحتمل أيضاً أن يكون مراد الراوي طول أيام الشتاء والصيف ـ كما يظهر من العبارة ‏ ـ ولكن ألحق تفسير خاطئ إلى النص. وهذا الاحتمال نستفيده من عدم وجود رفقة وعدم التناسق ‏التامّ بين تعابير النصّ. علاوة على ذلك يُشير ذيل العبارة أيضاً إلی هذا المعنى.

ويُمكن تفسيرها بأنّ هذا الاختلاف بالزيادة أو النقصان في اليوم ليس له أيّ تأثير، ألا ترى أنّ ‏قوافل الجمال بين مكة والمدينة تسافر بقدر معيّن في الشتاء والصيف، فمثلاً تذهب ثمانية فراسخ ‏كلّ يوم، وفي يوم واحد لا يضغطون على القافلة بأكثر من هذا. ومؤيّد آخر لهذا التفسير هو أنّ ‏المسافة بين مكة والمدينة على بعد أيام.‏

وعليه، فلا يُمكن تفسير هذا الجزء من الرواية بسبب عدم تناسق النصّ وغموضه.‏

ـ إذا کانت الرواية تنتهی بعبارة: «فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ يُنْظَرُ» کان يُستفاد منها نفي المعيار ‏المكاني دون أيّ إبهام؛ بمعنى أنّه لا يُلتفت إلی مقدار ما مشى الشخص، بل يجب أن يمشي يوماً ‏واحداً، لكن نهاية الرواية تُضيف نقطة أخرى، وهي أنّه ليس مهمّاً كم يمشي المرء في اليوم ‏الواحد لكي يصبح بحکم المسافر، بل يُشترط أنّه يسير على الأقلّ کالقوافل المتعارفة آنذک. لذلك ‏إذا مشى راکب الحمار أقلّ من المعتاد في يوم فهذا ليس معياراً، وإنّما يجب أن تكون حركة ‏الشخص على الأقلّ کقوافل الجمال.‏

ـ بيان الاستاذ جواد فاضل اللنكراني في شرح الرواية:‏
عن أبي عبدالله× في حديث، قال: قلت له: کم أدنی ما يقصّر فيه الصلاة ؟ أي: ما هو أقلّ ‏مقدار يقصر فيه الصلاة ؟

قال: «جرت السنة» ـ أي: سنة رسول الله| ـ «ببياض يوم»، بياض يوم هو المعيار.‏

فقلت له: إنّ بياض يوم يختلف، يسير الرجل خمسة عشر فرسخاً في يومٍ.‏

يقول عبدالله بن الحجاج: قلت للإمام الصادق×: إنّ الحركة في بياض يوم مختلف، يسير ‏أحد في بياض خمسة عشر فرسخاً، «ويسير الآخر أربعة فراسخ»، وأحد يسير أربع فراسخ. ‏وشخص يمشي خمسة فراسخ.‏

فقال: «إنّه ليس إلی ذلك يُنظر»، لا ينظر إليه «أما رأيت» أي: إنّك قلت إنّنا لا نرى سوى ‏مسيرة يوم مهما كان ذلك، أي في هذه الرواية ينکر الإمام× صراحة مسيرة يوم، «ليس إلی ‏ذلک ينظر»، ما معنى ذلک؟! أي: نقول بمسيرة يوم، سواء أكانت أربعة فراسخ أو عشرين ‏فرسخاً، فيقول: «أما رأيت السير هذه الأميال» في بعض النسخ، يوجد (أثقال)، أثقال أيضاً ‏صحيح. و «بين مكة والمدينة» أشار إلى القوافل والمُكارين الذين ينقلون البضائع من مكة ‏والمدينة. «ثم أوما بيده أربعةٌ وعشرون ميلاً يکون ثمانية فراسخ»، أشار الإمام بإصبعه المبارک إلی ‏‏24 ميلاً.‏

ولماذا أومأ بيده؟!. فقد نقل هنا عن كتاب «البدر الزاهر» ـ وهو تقرير أبحاث المرحوم السيد ‏البروجردي& ـ: إنّ عبارة «ثمّ أومأ بيده» لعلّه من باب التقيّة.‏

ولكن يبدو أنّ الإمام× قال بعدها ثمانية فراسخ، و «أومأ بيده» لتثبيت هذه القضية، كما لو ‏سُئلنا من قِبَل أحد ما هي المسافة التي اُريد طيّها؟ فتارة نجيبه: كيلومترين، وتارة نُشير إليه باليد ‏من هذا الجدار الى ذاك الجدار، فـ «أومأ» أشار إلی فاصلة ثمانية فراسخ 24 ميلاً للتأکيد علی ‏المسألة.‏

لذا أوّلاً: ذكرت الرواية هنا المعيار علی «ثمانية فراسخ»، ثانياً: كأنّها نفت مسيرة يوم بالمرّة.‏

قلت: هذه النقطة أيضاً ما رأيت أحداً يُشير إليها.‏

ففي هذه الرواية عندما يقول عبدالله بن الحجاج بياض يوم مختلف، يسير أحد خمسة عشر ‏فرسخاً والآخر أربعة فراسخ، قال الإمام×: «إنّه ليس إلی ذلک ينظر»، أي: إنّ المعيار ليس ‏مسيرة يوم لنقول ما مقدار مشيه في اليوم؟ مهما سار! المعيار لا يقتضي أن نقول يجب أن يكون ‏السير في اليوم بأيّة كمية! أي: إنّ الإمام ينفي ذلك صراحة. أنظروا هل ترى احتمال آخر في هذه ‏العبارة؟ «إنّه ليس إلی ذلک ينظر»، ظاهره النفي، أي: إذا اعتُبر في روايات أخرى مسيرة يوم ‏معياراً فهو بلحاظ رجوعه إلی ثمانية فراسخ، يقول الإمام×: «ليس إلی ذلک ينظر، أما رأيت ‏سير هذه الأثقال بين مکة والمدينة، ثمّ أومأ بيده أربعة وعشرون ميلاً يکون ثمانية فراسخ».‏

بحث ونقد‏
بصرف النظر عن إشکالات النصّ، يبدو أنّ تصوّره خطأ؛ فلو كان مراد الإمام كون المعيار مكانياً ‏وليس زمانياً، إذن لماذا لم يقل بصراحة: جعلت السنّة مبنية على مسيرة ثمانية فراسخ، وراح ‏يتحدّث عن مسيرة يوم واحد؟ ماذا يُفيد ذكر مسيرة يوم واحد للمخاطب؟ وعلی فرض وجود ‏غرض يُفيد المخاطب, لماذا لم يقل مثلاً: السنة علی ثمانية فراسخ التی تساوی بياض يوم زماناً؟ ‏هل صعب علی الإمام× أن يتکلّم بکلام لا يوقع المخاطب فی الإلتباس والخطأ؟! ولماذا بعد ‏وقوع المخاطب فی الخطأ لم يُصحّح خطأه ولم يقل مثلاً: الأصل في السنّة هو ثمانية فراسخ, لکن ‏قلت بياض يوم حتی يسهل الأمر عليک! ‏

إذن، «بياض يوم» له دخل بالتأكيد في الحکم، ولكن الى أيّ حدٍّ؟

الظاهر أنّ الإمام× أراد أن يجمع بينهما، أي: إنّ سير يوم يُعدل مقدار سير قوافل الجمال ‏المعتادة، والتي تساوي ثمانية فراسخ.‏

ويبدو أنّ السبيل الوحيد للتخلّص من مشكلات متن الرواية الاحتمال المتقدّم نفسه. أي: إنّ ‏السؤال عن طول اليوم وقصره (إِنَّ بَيَاضَ يَوْمٍ يَخْتَلِفُ) اُضيف إليه تفسيره برحلة الحصان والحمار ‏والفرق في مقدار الرحلة حسب نوع المركب، فإذا تمّ حذف هذا الجزء من الرواية فسنرى أنّ ‏معنى الرواية منطقي تماماً دون أيّة مشكلة وتبدو الرواية سلسةً، كالتالي: قُلْتُ لَهُ: كَمْ أَدْنَى مَا ‏يُقَصَّرُ فِيهِ الصَّلَاةُ ؟ قَالَ: « جَرَتِ السُّنَّةُ بِبَيَاضِ يَوْمٍ ». فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ بَيَاضَ يَوْمٍ يَخْتَلِفُ ؟ قَالَ: ‏فَقَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ يُنْظَرُ؛ أَمَا رَأَيْتَ سَيْرَ هَذِهِ الْأَمْيَالِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ أَرْبَعَةً ‏وَعِشْرِينَ مِيلًا يَكُونُ ثَمَانِيَةَ فَرَاسِخَ».‏

المتحصّل من الروايات
قبل تلخيص الروايات نذكر أنّ مسألتنا الأساسية هي معرفة حكم السفر بالمركبات السريعة ‏كالحافلات والسيارات والطائرات ونحوها. نُلاحظ أيضاً أنّه في الحالات المذكورة ليس هناك شكّ ‏في أنّ المعيارين الزمني والمكاني مختلفان تماماً.‏

ومن أجل تلخيص الروايات المذكورة، من الضروري دراسة وتقييم جميع المرجّحات والقرائن.‏

إنّ المرجّحات والقرائن في تلخيص الروايات المذکورة هي كما يلي:‏

‏1ـ حكمة التقصير: حكمة التقصير وإن لم تكن دليلاً، لكنّها تُعدّ من القرائن القوية على المعيار ‏الزمني، وفيما يتعلّق بعصرنا فإنّ حكمة التقصير قابلة للخدشة بشدّة، فعدم لحاظ طيّ ثمانية ‏فراسخ ـ أي: تستغرق حوالي نصف ساعة في اليوم! ـ خلاف الاحتياط، ومراعاتها تتلاءم مع ‏سلوك العقلاء، كما مرّ في الرواية رقم (11139).‏

‏2ـ إزالة الغموض: أنّ ميزة الثمانية فراسخ بأنّها أكثر وضوحاً من يوم ويُمكن حسابها بدقّة، ‏خاصّة في عصرنا. وقد استند بعض الفقهاء إلی هذا الوجه([42])، ولكن تجدر الإشارة إلى أنّه إذا ‏نظرنا إلى الماضي فإنّ حساب ثمانية فراسخ قد واجه أيضاً صعوبات ولم يكن خالياً من الغموض ‏لدرجة أنّه ربّما كان الحساب الزماني أسهل في الماضي من الحساب المكاني. نعم، إنّما أصبح ‏المعيار المکاني أسهل عندما تمّ حساب الطرق الرئيسية وتمييزها بالعلامات.‏

نقطة أخرى هي: أنّه كان من النادر جدًا أن يکون مقصد المسافر يوماً واحداً بالضبط، عادةً ما ‏يكون أكثر أو أقلّ من يوم واحد أو ثمانية فراسخ، وبالتالي لم يكن عندهم مشكلة في الحساب. ‏وكذا الحال اليوم، وإذا اعتبر السير يوماً معياراً للسفر الشرعي فسيكون التکليف واضحاً في العديد ‏من الرحلات، وسيكون هناك عدد قليل من المسافرين الذين سيُواجهون مشاكل بلحاظ المقصد. ‏وإنّما الغموض في قصر أو طول الأيام في الشتاء والصيف أيضاً هو محلّ البحث. وهذه المشكلة ـ ‏كما ذكرنا سابقاً ـ ليست خطيرة كما قد تبدو، ولا يبدو أنّ هناك فرقاً كبيراً بين ساعات السفر في ‏الشتاء والصيف؛ لأنّ في الشتاء يكون التوقّف قصيراً في منتصف النهار وفي الصيف يكون أكثر ‏وعادة ما يستفيد أصحاب الجمال من جمالهم ساعات محدودة ومعيّنة، بالإضافة إلى أنّ درجة ‏تحمّل الركاب لمشاقّ السفر لا تتفاوت كثيراً، شأنهم شأن العمّال الذين يعملون إلى حدّ معيّن في ‏وقت الشتاء والصيف، والاختلاف فقط في بداية ونهاية العمل ومقدار الاستراحة عند الظهر؛ عادة ‏ما يضبطون مقدار الحركة ليس على طول اليوم ولكن على أوقات محدّدة. وممّا يُؤيّد هذا التصوّر ‏أنّ الإمام× لم يذكر السير في الشتاء أو الصيف في تبيين الأمر.‏

كما أنّ الغموض أو عدم الغموض أو وضوح المعيار أو بساطته لا يُمكن عدّه من المرجّحات، ‏وفي هذا الصدد لا يوجد أيّة حجة شرعية، وبالإضافة إلى الحاجة للدليل فإنّه توجد موارد للنقض ‏تُؤيّد ذلك أيضاً؛ على سبيل المثال: المقدار الدقيق للکرّ غير مشخّص، وحدّ الترخّص أيضاً نقطة ‏خلاف، و کثير الشکّ أيضاً والوطن الثاني وکثير من المسائل المرتبطة بفهم العرف کذالک، وعلی ‏أيّة حال فإنّ کثيراً من القضايا بمرور الزمان أصبحت اليوم مبهمة بالنسبة إلينا، وقد تصدّى الفقهاء ‏لحلّ الإبهام أو إزالته بطرق مختلفة، بما في ذلك جريان الأصول العملية.‏

‏3ـ کثرة روايات فئة واحدة: لا شكّ أنّ المعيار المكاني مذكور بصورة منفردة، وجُمع مع ‏المعيار الزماني في العديد من الروايات، ولكن المعيار الزماني قد ورد بصورة منفردة في عدّة ‏روايات (11232، 11213، 11220) ومنضمّاً (أي: المكاني والزمني)، وقد ورد في عدّة ‏روايات بلغت حوالي عشر روايات، بعضها صحيحة السند (11139، 11140، 11143، 11147 ‏، 11151، 11153، 11154، 11165، 11220).‏

والنقطة المهمة هي أنّه مع بحث الروايات نعرف کثرة‌ الروايات المتضمّنة لمعيار خاصّ هل ‏تصير مرجّحاً أم لا ؟

ومن الطبيعي أنّ کثرة روايات معيارٍ مّا توجب شهرته واعتبرها بعض الفقهاء مرجّحاً قوياً، فيما ‏أنّ البعض ـ لعلّه باللحاظ الكمّي لروايات المعيار المكاني ـ اعتبره أصلاً، وأمّا المعيار الزماني ‏فاعتبروه كعلاج لمَن تعذّر عليه معرفة المعيار المكاني([43]). ولا يوجد أيّ دليل تاريخي لهذا ‏الادّعاء في كلام الفقهاء المذكورين، ولعلّ منشأ هذا الادّعاء هو الاحتمال أو الاستنباط الذوقي من ‏روايات الباب.‏

وبالنسبة الى سبب كثرة روايات المعيار المكاني، يُمكن القول إنّ هذا المعيار كان أكثر أهمية ‏لكونه أكثر دقّة من المعيار الزمني وبسبب عدم وجود فروق مهمّة بين الاثنين، لذلك بمرور الزمان ‏ساد المعيار المكاني، واُثيرت الأسئلة والأجوبة حوله. وأمّا اليوم فنظراً لأنّ المعيارين لا يتناسبان مع ‏بعضهما البعض لا يُمكن لحاظ مجرّد کثرة روايات طائفة والغضّ عن الطائفة المقابلة، وكما ذكرنا ‏إذا كانت غلبة الروايات تُؤدّي إلى الشهرة, حينئذٍ يُمكن اعتبارها من المرجّحات بشرط أن لا توجد ‏قضية أخرى في الوسط، ولكن في البحث الحالي إذا لم نضع هذه الشهرة جانباً تماماً فلا بدّ من ‏التخلّي عن المرجّحات المهمّة الأخرى. وفي الواقع لا توجد رؤية يُمكن من خلالها الحفاظ على ‏جميع المرجّحات؛ ومن هنا فإنّ المرجّحات التي صرّح بيها في الروايات (كإرهاق المسافر) لها ‏الأولوية، بالإضافة إلى أنّ هذا الرأي (لحاظ المعيار الزمني) هو أکثر تناسباً مع الاحتياط؛ لأنّ ‏الأصل في الصلاة كونها تامّة.‏

وأمّا الشهرة الفتوائية فقد قال المرحوم صاحب جواهر: «إنّ الاجماع بقسميه متحقّق علی ‏التقصير في قطع البريدين وإن کان في بعض اليوم»([44]).‏

فيّقال أوّلاً: بما أنّه في زمن العلماء السابقين كلا المعيارين كانا متطابقين تقريباً، وغالبًا ما تستند ‏فتاواهم إلى المعيار المكاني، وبالتالي لا يُمكن الاعتماد على أقوالهم في الوسائل السريعة اليوم.‏

ثانياً: إنّ دعوى الإجماع مخدوشة؛ وقد أفاد صاحب المدارک قائلاً: «أجمع العلماء كافّة على ‏أنّ المسافة شرط في القصر، وإنّما اختلفوا في تقديرها، فذهب علماؤنا أجمع إلى أنّ القصر إنّما ‏يجب في مسيرة يوم تامّ بريدين أربعة وعشرين ميلاً...»([45])، وقد أورد من صاحب الحدائق ‏أيضاً المطلب نفسه([46]).‏

أهمّ نتائج البحث‏
إذا اخترنا المعيار المكاني للوسائل السريعة فبالإضافة إلى المخالفة مع صراحة بعض الروايات ‏‏(کروايات المعيار الزمني أو رواية 11141 والتي طُرحت الإجابة فيها بناءً على کلا المعيارين الزمني ‏والمكاني) أنّنا سوف نفقد التناسق النوعي التقريبي بين المعايير وبعض المرجّحات کتعب المسافر ‏، لكن بناءً على انتخاب المعيار الزمني سوف لا نُبتلى بأيّ من الإشکالين المذكورين؛ ومن هنا ‏يبدو أنّ الأقرب الى المستفاد من الروايات هو ترجيح الجمع بين المعيارين، أي: مسيرة يوم واحد ‏وعلى الأقلّ ثمانية فراسخ للوسائل السريعة.‏





المصادر والمآخذ





القرآن الكريم

‏1ـ البحراني، آل عصفور، يوسف بن أحمد بن إبراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة ‏الطاهرة‌، الطبعة الأولی، قم: مکتب النشر الاسلامي التابع لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ ‏قم/ 1405ه‍ ‌. ‏

‏2ـ الجزيري، عبد الرحمن، الفقه علی المذاهب الاربعة ـ بيروت: دار الفکر/ 1424ه‍.ق.‏

‏3ـ جعفرپيشه‌فرد، مصطفی، درآمدی بر فقه مقارن، ]باللغة الفارسية[، الطبعة الأولی ـ طهران: ‏معاونية امور المبلّغين في بعثة القائد الأعلی / 1389هـ. ش.‏

‏4ـ الحائري، السيد کاظم، «مقياس شرعى سفر، مكانى يا زمانی»، مجلة فقه أهل بيت×، ‏العدد: 50 ]باللغة الفارسية[.‏

‏5ـ الحرّ العاملي، محمد بن الحسن‌، تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة،‌ ‏المصحح: لجنة التحقيق في مؤسسة آل البيت×‌ ـ قم، الطبعة الاولی ـ قم: مؤسسه آل البيت× ‏لإحياء التراث /‌ 1409ه‍..‌ ‏

‏6ـ الصدوق، محمد بن علي بن الحسين، من لا يحضره الفقيه، الطبعة الثانية ـ قم: الجماعة ‏المدرسين / 1404ه‍..‏

‏7ـ الطوسي، أبو جعفر، محمد بن الحسن،‌ الاستبصار فيما اختلف من الأخبار‌، الطبعة الاولی ـ ‏طهران: دار الكتب الإسلامية /‌ 1390ه‍.‌.‏

‏8ـ الطوسي، أبو جعفر، محمد بن الحسن،‌ الأمالي،‌ مصحح: قسم التحقيقات الاسلامي مؤسسة ‏البعثة، الطبعة الاولی ـ قم: دار الثقافة /‌ 1414ه‍..‌ ‏

‏9ـ الطوسي، أبو جعفر، محمد بن الحسن،‌ تهذيب الأحكام، الطبعة الرابعة ـ طهران:‌ دار الكتب ‏الإسلامية / 1407ه‍.‌. ‏

‏10ـ العاملي، محمد بن على الموسوي، ‌مدارك الأحكام في شرح عبادات شرائع الإسلام‌، ‏الطبعة الاولی ـ بيروت: مؤسسة آل البيت×‌ لإحياء التراث/ 1411ه‍.‌. ‏

‏11ـ الفيض الكاشاني، محمد محسن بن شاه مرتضى، الوافي،‏ الطبعة الاُولی ـ اصفهان: مكتبة ‏الإمام أميرالمؤمنين علي× / ‏1406ه‍.‏.‏

‏12ـ مغنية، محمدجواد، الفقه علی المذاهب الخمسة، الطبعة الاولی ـ قم:‌ مؤسسة دار الکتاب ‏الاسلامی / 1422ه‍..‌‏

‏13ـ النجفي، صاحب الجواهر، محمد حسن،‌ جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، محقق/ ‏مصحح: عباس القوجاني ـ على آخوندى، الطبعة السابعة، بيروت: دار إحياء التراث العربي /‌ 1404ه‍.‌‏.





الهوامش



([*]) عضو الهيئة العلمية في معهد الثقافة والفكر الإسلامي ـ قم المقدّسة؛ ‏s.javahery@gmail.com.



([1]) الحرّ العاملي، وسائل الشيعة، ‌8: 452‌.‏

([2]) الصدوق، من لا يحضره الفقيه، 1: 450، ح 1304.‏

([3]) في التهذيب: (السفر)، وفي الاستبصار: (في السفر) بدل ما بين المعقوفين.‏

([4]) الطوسي، تهذيب الأحكام، 3: 209، ح 505. الطوسي، الاستبصار، 1: 225/ ح801.‏

([5]) النجاشي، رجال النجاشي: 129.‏

([6]) ليس في المصدر.‏

([7]) في التهذيب: (إذا كان).‏

([8]) الطوسي، تهذيب الأحكام، 3: 209، ح503. الطوسي، الاستبصار، 1: 225، ح799.‏

([9]) اُنظر: العاملي، محمد بن الحسن، استقصاء الاعتبار في شرح الإستبصار، 4: 45. العلوي العاملي، مناهج الأخيار في شرح الإستبصار، 1: 282.‏

([10]) الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة 8: 484، ب 10 من أبواي صلاة المسافر، ح 8. الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي 4: 129، ح 7.‏

([11]) الطوسي، تهذيب الأحكام، ‌3: 207.‏

([12]) العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة 8: 477.‏

([13]) العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة 9: ح1.‏

([14]) بغلة سفواء: خفيفة سريعة. ]ابن منظور، لسان العرب 14: 388[.‏

([15]) الصدوق، من لا يحضره الفقيه، 1: 436، ح 1268.‏

([16]) الطوسي، تهذيب الأحكام، 4: 223، ح652.‏

([17]) المصدر السابق 3: 207، ح 493. الطوسي، الاستبصار، 1: 223، ح 787.‏

([18]) الصدوق، عيون أخبار الرضا×، 2: 123، ح 1، أخرجه في الحديث 17 من الباب 2 من هذه الأبواب، وذيله في الحديث 4 من الباب 2 من أبواب من يصح منه ‏الصوم.‏

([19]) الطوسي، تهذيب الأحكام، 3: 209، ح 504. الطوسي، الاستبصار، 1: 225، ح800. ‏

([20]) في التهذيب: الحسن بن علي.‏

([21]) الطوسي، تهذيب الأحكام، 4: 221، ح647. الطوسي، الاستبصار، 1: 223، ح 788.‏

([22]) الطوسي، رجال الكشي، 1: 389، رقم (279).‏

([23]) الطوسي، الأمالي 1: 357، أورد صدره في الحديث 20 من الباب 15، وأورد ذيله في الحديث 1 من الباب 28 من هذه الأبواب.‏

([24]) الطوسي، تهذيب الأحكام، 3: 210، ح506. الطوسي، الاستبصار، 1: 225، ح 802.‏

([25]) الطوسي، تهذيب الأحكام، 4: 222، ح 651. الطوسي، الاستبصار، 1: 223، ح 789.

([26]) ذو خشب: واد على مسيرة ليلة من المدينة المنورة. ]الحموي، معجم البلدان 2: 372[.‏

([27]) ليس في المصدر.‏

([28]) الطوسي، تهذيب الأحكام، 4: 222، ح 651.

([29]) الصدوق، من لا يحضره الفقيه، 1: 454، ح 1318، أخرج صدره في الحديث 5 من الباب 24، وأخرج ذيله في الحديث 3 من الباب 29 من أبواب اعداد ‏الفرائض، وقطعة أخرى منه في الحديث 3 من الباب 44 من أبواب المواقيت.‏

([30]) الصدوق، من لا يحضره الفقيه4: 457.‏

([31]) بحسب تصوّر المذاهب السنّية عدا الأحناف: أنّ المسافة الموجبة للقصر ستّة عشر فرسخاً ذهاباً، وبنظر الأحناف مسيرة ثلاثة أيّام من أقصر أيذام السنة ـ بمعدّل من ‏الصبح الى الظهر ـ ويرى بعض الأحناف أنّها 24 فرسخاً ]اُنظر: الجزيري، الفقه علی المذاهب الأربعة، 1: 400 ـ 402. مغنية، الفقه علی المذاهب الخمسة، 1: 223 ـ ‏‏226. جعفر بيشه، نبذة من الفقه المقارن: 157[.‏

([32]) آل عمران: 144.‏

([33]) البقرة: 173.‏

([34]) الصدوق، محمد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه، ‌1: 455، «بَابُ عِلَّةِ التَّقْصِيرِ فِي السَّفَرِ»‌، ح 1318.‏

([35]) الصدوق، علل الشرائع: 266، ح 9. الصدوق، عيون أخبار الرضا× 2: 113، ح 1.‏

([36]) الحرّ العاملي، وسائل الشيعة، 8: 467، باب 3 من ابواب صلاة المسافر، ح 13.‏

([37]) الصدوق، من لا يحضره الفقيه1: 434، ح 1265.‏

([38]) الوافي، الفيض الکاشاني، 7: 132.‏

([39]) الطوسي، تهذيب الأحكام، 3: 207، ح492. الطوسي، الاستبصار، 1: 222، ح786.‏

([40]) الطوسي، تهذيب الأحكام، 4: 22، ح ـ 650، أورد ذيله في الحديث 4 من الباب 8 من هذه الأبواب.‏

([41]) الطوسي، تهذيب الأحكام، 4: 222، ح 649، أورد صدره في الحديث 4 من الباب 14 من هذه الأبواب.‏

([42]) الحائري، كاظم، «المقياس الشرعي للسفر مكاني أو زماني»، مجله فقه أهل البيت^ (باللغة الفارسية): ‌50: 75 ـ 76.‏

([43]) الحائري، كاظم، «المقياس الشرعي للسفر مكاني أو زماني»، مجله فقه أهل البيت^ (باللغة الفارسية): ‌50: 75 ـ 76.‏

([44]) النجفي، جواهرالکلام، 14: 197.‏

([45]) العاملي، مدارك الأحكام في شرح عبادات شرائع الإسلام، ‌4: 429.‏

([46]) البحراني، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ‌11: 299.